Home » خبيرة إيطالية تدعو لالتزام أوروبي أكبر في الخليج لتحقيق الأهداف المناخية والجيوسياسية
سياسة

خبيرة إيطالية تدعو لالتزام أوروبي أكبر في الخليج لتحقيق الأهداف المناخية والجيوسياسية

تشنسيا بيانكو، الخبيرة الإيطالية بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، اعتبرت أن دول الخليج مقتنعة بأن الهيدروكربونات ستظل مصدرًا أساسيًا للإيرادات لعقود حتى وإن كانت في تناقص تدريجي.
وقالت بيانكو إن هذه البلدان ترى فرصًا اقتصادية وسياسية في احتضان تحول الطاقة، كما يظهر التزام السعودية تجاه عدم وجود انبعاثات، يأتي هذا فيما يتمثل الربط الكهربائي والهيدروجين الأخضر أكثر جبهات التعاون الواعدة بين الأطراف بشأن الطاقة النظيفة.
وفيما يخص دول مجلس التعاون الخليجي، فإن الهدف الرئيسي للاتفاقية الخضراء الأوروبية كان ضمان أن يصبح الاتحاد الأوروبي محايدًا للكربون بحلول عام 2050 مع معركة ضد صناعة البتروكيماويات والوقود الأحفوري كمصادر للطاقة الأولية. فيما كانت البلدان قلقة من أن الدفع التنظيمي للاتحاد الأوروبي باتجاه الطاقة المتجددة من شأنه أن يسرع التحول العالمي بعيدًا عن الوقود الأحفوري.
 من جهتها، تعتبر دول مجلس التعاون الخليجي أن الصفقة الأوروبية الخضراء فرصة محتملة. فيما أضحت الاستعدادات لعصر ما بعد النفط مع انخفاض الطلب العالمي على النفط، ببطء أولوية لحكومات دول مجلس التعاون الخليجي.
وقامت بيانكو، في آخر تحليل تحت عنوان: “لعبة القوة: دبلوماسية المناخ الأوروبية في الخليج”، بتحليل مقدرة الاتحاد الأوروبي على استخدام الصفقة الأوروبية الخضراء (الصفقة الخضراء) لتعزيز نفوذه في الخليج والاعتماد المتزايد لدول مجلس التعاون الخليجي على الصين وبقية دول آسيا باعتبارها أكبر المستوردين للنفط والغاز، وفقاً لموقع “ديكود 39” الإيطالي.
وأضافت أنه مثل منتجي الوقود الأحفوري الكبار الآخرين، ينبغي أن تحظى دول مجلس التعاون الخليجي باهتمام كبير من الاتحاد الأوروبي، فيما تعد هذه البلدان ليست فقط لاعبين رئيسيين في سوق النفط والغاز العالمي، الأمر الذي يجعلها المصدرين الرئيسيين للانبعاثات إلا أن لديها إمكانات كبيرة لتسريع التحول الأخضر.
ورات أنه يمكن للاتحاد الأوروبي تعزيز مصالحه المناخية والاقتصادية والجيوسياسية في الخليج عبر تطوير إستراتيجية لتكييف سياسته الخارجية مع الصفقة الخضراء.
واستعرضت بيانكو التوصيات الرئيسية للاتحاد الأوروبي ومنها خلق رواية مربحة للجانبين، فيما على الأوروبيين استخدام الدبلوماسية العامة لتبديد التحيزات الأكثر خطورة لدول مجلس التعاون الخليجي فيما يخص الصفقة الأوروبية الخضراء.
وذكرت أن هدف “صافي صفر” للاتفاقية من السهل فهمه فيما لا يسري الشيء نفسه على نطاق استراتيجية التنفيذ والتي يمكن أن تتعلق بأولويات مجلس التعاون الخليجي على سبيل المثال الأمن الغذائي والمائي.
ودعت الأوروبيين لتكثيف حملات الدبلوماسية العامة كالتي أطلقها الاتحاد الأوروبي بشأن التنوع البيولوجي والمواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد وجودة الطعام مع التأكد من اخراط المجتمع المدني المحلي أيضًا في هذه المبادرات، بالنظر إلى أن دول الخليج غالبًا ما تنظر إلى الاتفاقيه كأداة للضرائب الخضراء بدلاً من النمو الأخضر.
كما تحدثت الخبيرة الإيطالية عن تعزيز آلية تعديل حدود الكربون كمنتج مالي، داعية الاتحاد الأوروبي ألا يرضخ للضغوط الدولية لخفض طموحات ضرائب الكربون بما في ذلك آلية التعديل.
واعتبرت أنه على الأوروبيين تحويل التزامهم مع دول مجلس التعاون الخليجي حول سعر الكربون عبر تعزيز إمكانات الآلية كمنتج مالي، فيما ترحب دول مجلس التعاون الخليجي بهذا النهج كما سيتلائم مع إجراءاتها السابقة والحالية حول تبادل انبعاثات الكربون واقتصاد الكربون الدائري.
بيانكو شددت أيضاً على التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي من أجل زيادة الاستثمارات المستدامة: وبحسب وكالة الطاقة الدولية، فإن الدفاع من أجل التوصل إلى انبعاثات صفرية بحلول عام 2050 سيتطلب زيادة استثمارات الطاقة العالمية إلى 5 تريليونات دولار على الأقل والحفاظ على استقرارها عند تلك الحصة.
ويعد الرقم هذا ضعف المبلغ الحالي وخمسة أضعاف المبلغ المنصوص عليه من الاتحاد الأوروبي في إطار الاتفاقية الخضراء الأوروبية. وعلى دول مجلس التعاون، بفضل السيولة الكبيرة والاقتصادات المتقدمة مالياً، أن تصبح شريكة طبيعيه لأوروبا تزيد من استثماراتها الخضراء، كما على الأوروبيين استخدام الحوار بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي بشأن التجارة والاستثمار الذي انطلق في مايو 2017، لمناقشة إطار عمل مشترك لمعايير البيئة الاجتماعية والحكومة.
كما رأت بيانكو ضرورة التركيز على الهيدروجين الأخضر، حيث يمكن أن يكون حاسمًا لجهود الاتحاد الأوروبي للوصول إلى انبعاثات صفرية ولضغوط دول مجلس التعاون الخليجي لتقليل اعتمادها على صادرات النفط والغاز.
 ودعت الأوروبيين إلى إرسال إشارة قوية إلى دول مجلس التعاون الخليجي بشأن نيتهم ​​استيراد كميات كبيرة من الهيدروجين الأخضر خلال فترة زمنية ليست بعيدة جدًا، كما دعت الاتحاد الأوروبي الانخراط مع دول مجلس التعاون الخليجي كشركاء متميزين بشأن الهيدروجين الأخضر والتعاون في كل مراحل سلسلة القيمة بشأن قدرات التخزين وتكنولوجيا النقل وأنظمة الشهادات.
وقالت إن هذه الخيارات ستجعل الاتحاد الأوروبي من جديد سوقًا تصديرًا رئيسيًا لدول مجلس التعاون الخليجي وهو جانب يمكن للكتلة الأوروبية استخدامه كرافعة ضغط جديدة للتأثير على الخليج، مشددة على ضرورة اكتساب الاتحاد الأوروبي نفوذ بشأن استراتيجية دول مجلس التعاون الخليجي لتطوير البنية التحتية للطاقة التي تربط الخليج بأوروبا.
وتابعت أنه على الأوروبيين أيضًا الضغط من أجل التواصل داخل المنطقة، ما يؤدي بدوره إلى تقليل المخاطر الجيوسياسية عبر التنويع مع ربط انخفاض التوترات الإقليمية بمكاسب اقتصادية أكبر.
ورأت الخبيرة الإيطالية أن تطوير الصفقة الخضراء كأداة للسياسة الخارجية أساسي لمستقبل أوروبا كقوة عالمية، فيما يمكن أن يكون التعاون الموجه بشأن الصفقة حاسمًا لاقتصادات الخليج، معتبرة أنه على الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء وضع الصفقة الخضراء في مركز الالتزام مع منطقة الخليج.
وبيانكو زميل زائر لدى برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، وتتعامل مع التطورات السياسية والاقتصادية والأمنية في شبه الجزيرة العربية والخليج والعلاقات مع أوروبا.  وهي أيضاً محلل في مركز تحليلات دول الخليج بواشنطن وعملت سابقًا باحثة في مشروع المفوضية الأوروبية بشأن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي.

اشترك في النشرة الإخبارية