ما غرسته إيطاليا في أفغانستان يعد تراثًا يمكن الاعتماد عليه في مناطق أخرى من العالم كالبحر الأبيض المتوسط الموسع. تحليل أرماندو سانجويني، خبير معهد الدراسات السياسية الدولية في إيطاليا وسفير إيطاليا السابق لدى تونس و السعودية...
وقال سانجويني، في تحليل لموقع “ديكود 39” الإيطالي، إن يوم 11 سبتمبر 2021 تحول من الذكرى العشرين لتحرير الشعب الأفغاني من تطرف طالبان إلى احتفال حركة طالبان بعودتهم الكبيرة وتحررهم من الاحتلال الأجنبي.
واعتبر سانجويني أن العشرين عاما لم تكن مهدرة حيث هناك اليوم نساء لديهم الشجاعة و يتحدن السلاح، كل هذا بسبب زرع شيء إيجابي ووجود معارضة و إن كانت محدودة لنظام طالبان حتى خارج بنجشير.
وأشار إلى فترة العشرين عام حيث جرى تأكيد خيار عدم الالتزام الأمريكي لعدة أسباب منها العداء المتزايد للرأي العام الأمريكي بشأن التكاليف البشرية والمادية لممارسة التفوق العسكري للولايات المتحدة عالمياً، وهو عدم الالتزام الذي لا يريده الاتحاد الأوروبي، إلا أنه أشار إلى عدم الاستهانة بأن الولايات المتحدة لا تزال القوة العالمية الأولى من كل النواحي.
وقال إن الأحادية الأمريكية أثرت أيضاً على العلاقة عبر الأطلسي الأمر الذي وهب الحياة للمطالب والتوقعات المشروعة والضرورية لاتحاد أوروبي قادر على سياسة خارجية ودفاعية لقوته الاقتصادية، وذلك في ولاء للتحالف الأطلسي، مشدداً على وجوب العمل في هذا الاتجاه.
وشدد على ضرورة تحديد شروط المتابعة بين الضفتين التي ينبغي إدارتها على المديين القصير والمتوسط بشأن القضية الحاسمة للعلاقات مع حكومة طالبان، مع الأخذ في الاعتبار البيئة الإقليمية الأكثر إلحاحًا حيث تحاول باكستان الاضطلاع بدور رائد، فيما تحدد الصين وروسيا وتركيا وإيران استراتيجياتها الخاصة.
وتساءل الدبلوماسي الإيطالي السابق عن دور الغرب وأوروبا وإيطاليا، لاسيما فيما يتعلق بالمستقبل قصير المدى وما يدور حوله من شكوك عميقة.
وتطرق لما بذلته إيطاليا في هيرات الأفغانية مثل المناطق الأخرى في أفغانستان ما يعد تراثًا يمكن زرعه في مناطق أخرى من العالم لها جوانب مماثلة للواقع الأفغاني كالقبلية و التطرف وضغوط الهجرة.
و أشار تحديداً إلى منطقة البحر المتوسط الموسعة مع منطقة الساحل كمركز لها حيث تبنت روما في السنوات الأخيرة استراتيجية سياسية دبلوماسية وعسكرية تستحق التطوير والتحسين في ضوء التجربة الأفغانية والتي تمثل لإيطاليا ولأوروبا أولوية شاملة.
كما أشار لعمل روما على تعزيز الشبكة الدبلوماسية التي تحمي تواجداً نشط سياسيًا واجتماعيًا وحياديًا فيما يتعلق بالبلدان المعنية، فضلاً عن افتتاح سفارات جديدة في النيجر وبوركينا فاسو.
بالإضافة لذلك، تطرق لإنشاء صندوق الهجرة مع أكثر من 100 مليون يورو من أجل مساعدة اللاجئين والعودة الطوعية إلى الوطن ومراقبة الحدود ومكافحة الأسباب الجذرية للهجرة، والذي يدمج عمل التعاون الإنمائي (نحو 150 مليون) موجه لدعم النمو الاقتصادي في كل المنطقة.
كما تطرق لانضمام إيطاليا إلى التحالف من أجل الساحل، وذلك بهدف تعزيز التنسيق بين أنشطة العديد من الشركاء الدوليين لصالح دول الساحل الخمس (موريتانيا والنيجر ومالي وبوركينا فاسو وتشاد).
هذا وأشار سانجويني أيضاً إلى تعيين إيمانويلا ديل ري كممثل خاص للاتحاد الأوروبي لمنطقة الساحل، والذي يمثل الالتزام والدور الذي تقوم به إيطاليا في تلك المنطقة. كما أشار إلى عقدة الأزمة في ليبيا، فيما ستكون الأشهر المقبلة في هذا البلد حاسمة.