وقال المحلل إن رئيس الحكومة الليبية المكلف من مجلس النواب فتحي باشاغا تجنب في خطاب تصويت الثقة أمام برلمان طبرق في الأول من مارس ذكر الهجوم الروسي على أوكرانيا. لكن بعد يوم واحد فقط من منح الثقة، قرر باشاغا اتخاذ موقف عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر معتبراً أن الهجوم الروسي على أوكرانيا يمثل انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي وسيادة أوكرانيا الديمقراطية.
وأضاف أنه على أية حال لم تكن إدانة باشاغا قاطعه بشكل كبير خاصة عند مقارنتها بالكلمات التي استخدمتها حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة. وكانت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش عبرت عن إدانة ليبيا الواضحة للعدوان العسكري الروسي على كييف.
وأوضح المحلل أن الكثيرون في ليبيا يرون أن البلاد عليها أن تظل محايدة فيما يتعلق بهذا الصراع. وتعد أوكرانيا بلد مهم لليبيا خصوصاً بالنسبة لأمنها الغذائي بالنظر إلى أنه منذ عام 2009 لدى ليبيا اتفاقية لإنتاج القمح في أوكرانيا الموجه لسوقها الداخلي. ومن هذا المنطلق روسيا أيضًا دولة رئيسية.
واعتبر الخبير أن التأثير على ليبيا لن يكون على حظر الصادرات من هذين البلدين فقط، بل يعتمد أيضًا على الزيادة في الأسعار العالمية للغذاء بسبب الصراع.
وأشار إلى أنه فضلاً عن القدرة الليبية المخفضة على فرض ضوابط دقيقة ضد المضاربات، فإن مخاطر الزيادة العشوائية في أسعار المواد الغذائية وخاصة الخبز ومشتقاته تؤدي إلى مظاهر التوتر في مناطق مختلفة من البلاد، وفقاً لموقع “ديكود 39” الإيطالي.
وقال إن موقف باشاغا يأتي في ظل سلسلة من الاحتمالات السياسية التي تجبره على ألا يكون معاديًا للغاية لروسيا، حيث كانت موسكو أولى القوى الكبرى التي أيدت تعيين باشاغا رئيسًا جديدًا للوزراء في أوائل فبراير الماضي.
وذكر أن باشاغا غيّر النهج في نوفمبر 2019 عندما أدرك أثناء زيارته لواشنطن لحضور الاجتماع الوزاري للتحالف ضد تنظيم داعش أن الاستفادة من الخطر الروسي في ليبيا ربما كانت الطريقة الوحيدة لجعل الأمريكيين يهتمون بالصراع من جديد، مشيراً إلى أن إدخال مقاتلات فاغنر الروسية ابتداءً من سبتمبر من ذلك العام غيّر التوازن الاستراتيجي للصراع.
وقال إن السبب الذي جعل باشاغا متساهلاً نسبياً مع الروس مرتبطًا بحقيقة أن روسيا على الرغم من التركيز بشكل كبير على قوى الشرق نجحت في الحفاظ على علاقات مناسبه مع الأطراف الأخرى في الصراع.
وذكر أن رئيس حكومة الوفاق السابق فايز السراج ذهب إلى سوتشي لحضور القمة الروسية الأفريقية وطلب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السلاح، كما حافظت وزارة الخارجية الروسية على علاقات ثابتة مع حكومة الوفاق الوطني.
وأوضح أن الروس نجحوا في الحفاظ على علاقات مناسبة مع قوات مصراتة التي يعد باشاغا أحد ممثليها الرئيسيين، وذلك على الرغم من أن رجلهم في مصراتة كان في ذلك الوقت نائب رئيس حكومة الوفاق أحمد معيتيق، الذي كان أيضًا الأول في هذا المعسكر في السعي إلى اتفاق مع قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر وقت انتهاء الحصار النفطي في صيف 2020.
و اعتبر أن مصراتة غير موحدة حالياً حيث أن باشاغا والدبيبة ينحدران من مصراتة ويتنافسان للسيطرة على البلاد، ما يهدد بإعادة البلاد إلى دوامة مؤسسية ثم عسكرية، مثل عام 2015 وما بعدها.