ورافق دراغي، وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو ووزير الطاقة الإيطالي، روبرتو سينجولاني. فيما هبط دراجي في حوالي الساعة 2:20 مساءً وتم الترحيب به مع عزف النشيد الوطني. كما يلتقي الوقد، الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، وفقاً لموقع “ديكود 39” الإيطالي.
من جهته، تحدث المحلل الجزائري أنور مالك عن أهمية زيارة دراغي إلى الجزائر، معتبرًا أنها تشكل أهمية للطرفين، حيث إيطاليا الآن في مرحلة البحث عن تنويع مصادر الطاقة والغاز لأنها تستورد نحو 40% من الغاز الروسى، وفي ظل العدوان الروسي على أوكرانيا اتجهت إيطاليا إلى مرحلة العمل على تنويع مصادرها في إمدادات الطاقة.
وقال مالك، في تصريحات لموقع “ديكود 39” الإيطالي، إن الجزائر أيضا بحاجة إلى إيطاليا حيث تعاني ما يشبه بعزله دبلوماسية مع أطراف كثيرة، مضيفاً: وأعتقد أن هذه العلاقات تصاعدت بين الطرفين خاصة بعد زيارة الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا، مؤكداً أن العلاقات تتوطد أكثر فالجزائر بحاجة إلى العلاقات مع إيطاليا وإيطاليا بحاجة للعلاقات مع الجزائر في إطار مصادر الطاقة.
وحول إمكانية مساعدة الجزائر لإيطاليا للتحرير من الاعتماد على الغاز الروسي، قال مالك إن الجزائر تعتبر ثاني أكبر مورد للغاز لإيطاليا وهي تضخ عبر خط أنابيب ترانسميد وهو خط أنابيب عبر المتوسط الغاز إلى السواحل الإيطالية من عام 1983 والطاقة تزيد يومياً بالخط عن 110 ملايين متر مكعب ولكنه حالياً ينقل نحو 60 مليون متر مكعب.
واعتبر أن المساعدة التي يمكن أن تقدمها الجزائر إلى إيطاليا تكون من خلال رفع كمية الطاقة التي ستضخ عبر هذا الأنبوب، مضيفاً: أعتقد أن العلاقات الجزائرية الإيطالية توطدت كثيراً وبلغت مستوى قوي ما يجعل من المحتمل جداً أن يحدث هناك اتفاق والجزائر ترفع من حجم ضخ الغاز عبر هذا الأنبوب إلى إيطاليا.
وبسؤالة عن كمية زيادة كمية الغاز المرسلة من الجزائر إلى إيطاليا، قال إنه لم تتوفر أي معلومات حول احتمال رفع الجزائر من كمية الغاز التي تبثه عبر هذا الخط لكن من المحتمل جدا أن يحدث ذلك ولكن هناك حسابات وإشكالية تتمثل في أن الجزائر لا تريد من جهه أن تخسر إيطاليا ودول أوروبية أخرى وأيضاً لا تريد أن تخسر روسيا بسب العلاقات العسكرية و العلاقات العميقة مع موسكو.
ورجح أن ترفع هذه الكمية إلى درجة معينة في إطار اتفاق ثنائي يراعي الكثير من الحسابات خاصة لدى الجزائر، قائلاً إن العلاقات الإيطالية الجزائرية في الأونة الأخيرة توطدت وارتفعت إلى مستوى معين لكن هناك أشياء كثيرة يجب أن تراعى في هذه المسألة وتتعلق بحساسية العلاقات بين الجزائر و موسكو.
وأكد أن هناك تعاون في مجالات كثيرة بين البلدين ومنها الطاقة ولكن الأمر الذي تريدة الجزائر في هذه المرحلة هو الدعم الايطالي في مسالة الصحراء الغربية، فالجزائر الآن ترى أن هناك توجه أوروبي نحو دعم المغرب، حيث الموقف الأسباني، فضلاً عن حديث ألمانيا بإيجابية بشأن الحكم الذاتي المغربي، وفرنسا ربطت بعض التوجهات نحو الحكم الذاتي، مشيراً إلى أن الجزائر تخشى توجهات أوروبية أخرى لدى دول الاتحاد الأوروبي وتبحث عن تحالفات مع جهات تحدث التوازن إلى حد ما.
وأكد أن ما تريده الجزائر من إيطاليا بعيدا عن التعاون الاقتصادي هو الدعم في مسالة الصحراء الغربية، فالرئيس الإيطالي حين زار الجزائر أكد أن موقف إيطاليا يتمثل في دعم الأمم المتحدة في دور المبعوث الأممي فيما يخص هذه القضية واعتقد أن هذ ما تريده الجزائر.
وعن توقعاته بشأن الزيارة و مستقبل العلاقات بين البلدين، قال مالك إن العلاقات ستزداد و ستتعزز أكثر، فإيطاليا بحاجة للغاز الجزائري وهي ثاني مورد للغاز بالنسبة لايطاليا والجزائر بحاجة لإيطاليا في كثير من الأمور، معتبرًا أن العلاقات ستتعزز أكثر في عدة مجالات اقتصادية وربما دعم إيطالي للجزائر في بعض القضايا الدبلوماسية والقضايا التي تتعلق بأوروبا وبعض الملفات مثل الهجرة غير الشرعية وغيرها.
بدوره، قال إسحاق خرشي، المحلل الاقتصادي الجزائري، إن الزيارة، بالنسبة للجانب الإيطالي، تدخل في إطار الزيارات التي تقوم بها إيطاليا لدول الغاز مثل زيارة الحكومة الإيطالية لقطر وغيرها للبحث عن بدائل للغاز الروسي.
وقال خرشي، لموقع “ديكود 39” الإيطالي، إن الزيارة مهمة جداً بالنسبة للجانب الإيطالي لأن إيطاليا الآن تبحث عن مخرج للتحرر من التبعية لروسيا في مجال استيرد الغاز حيث تستورد إيطاليا حوالي 40 % من احتياجاتها من الغاز من روسيا و 29 %من الجزائر، وإذا أرادت التحرر من روسيا عليها اللجوء للبديل الجزائري.
وأكد أن الزياره تكتسب أهمية من الناحية الاقتصادية لأنها تبحث عن ضمان إمدادات كافية لإيطاليا من الغاز للمصانع والشركات، بحيث تجعل إيطاليا في موقف أقوى وأكبر للتفاوض مع الجانب الروسي.
وبالنسبة للجزائر، قال خرشي، إن الزيارة مهمه لشركة سوناطراك حتى تضخ كميات أكبر من الغاز للبيع، ما يمثل زيادة للمبيعات.
وتابع ان أنبوب الغاز انريكو ماتي يضخ نحو 21 مليار متر مكعب سنوياً من الجزائر نحو إيطاليا وهو غير مستغل بشكل كامل ومقدار الغاز الذي يمكن أن يمر هو 30 مليار متر مكعب، فيما يمكن للجزائر أن تضيف 10 مليار متر مكعب سنويا لايطاليا بنهاية 2022، ما سيرفع نسبة مساهمة الجزائر من 29 % إلى 40 % لتصبح المورد الأول لإيطاليا.
ورأى ان الجزائر يمكنها أن تبيع الغاز المسال إلى إيطاليا عبر البواخر والمسافة قصيرة والتكلفة ستكون منخفضة. وأشار إلى أن هذه الإضافة في الغاز لو كانت بالأسعار الحالية، لن تكون إيطاليا مضطرة لتقديم شيء في المقابل، حيث ستكون الإضافة بالسعر القديم.
وقال إن المقابل الذي يمكن أن تقدمه إيطاليا قد يكون غير اقتصادي، مرجحاً ان يكون من خلال التوافق على قضايا سياسية ذات بعد إقليمي و دولي. وعبر عن أمله في أن تكون هناك شراكة فيما يخص المنتجات الغذائية، حيث يمكن للجزائر أن تستفيد من إيطاليا في التحول من الاقتصادي غير الرسمي إلى الرسمي.
وعن مستقبل العلاقات، قال خرشي إنها قديمة جداً، حيث تعد شركة إيني الإيطالية الشريك الاستراتيجي الأول للعملاق سوناطراك. وأكد أن العلاقات ستظل هكذا في ظل علاقة رابح_ رابح بين الطرفين.
فيما قال الدكتور توفيق بوقاعدة، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر الحكومية، إن أهمية الزيارة مرتبطة بالظرف الزمني وحالة الحرب الروسية الأوكرانية وانعكاستها على دول العالم خاصة الأوروبية، وكذلك العلاقة البينية، حيث يسعى الطرفان لتطويرها و البحث عن شراكة في مجالات مختلفة، والأهم زيادة الجزائر الغاز لإيطاليا.
وقال بوقاعدة إن الجزائر المورد الثاني للغاز إلى إيطاليا بعد روسيا، مشيراً إلى أنه يمكن تحقيق زيادة على المدى القصير.
وأكد بوقاعدة أن الشراكة الاستراتيجية القائمة بين الجزائر و إيطاليا قائمة على المنفعة المتبادلة وتقاسم المصالح و مساعدة كل طرف للطرف الآخر، موضحاً أن الجزائر مهتمة كثيراً بتجربة إيطاليا في مجال الصناعات الغذائية و تعمل على إنشاء شركات مصغرة و متوسطة في هذا المجال.
وذكر أن مستقبل العلاقات سيكون واعداً ما إذا تم وضع خطة واضحة المعالم و استخدام كل الموارد التي من الممكن أن تساعد في تعزيز هذه العلاقة وفق قاعدة الربح المتبادل بين الجانبين، مؤكداً أن الشعب الجزائري لديه تقدير خاص لإيطاليا و اهتمام كبير بالمنوذج الإيطالي.
جدير بالذكر أنه في الأشهر الأحد عشر الأولى من عام 2021، بلغت قيمة التجارة بين إيطاليا والجزائر 7.63 مليار يورو، وذلك بزيادة قدرها 50.27 في المائة مقارنة بنفس الفترة من عام 2020.
وكانت القفزة بنسبه 92.5 % في الواردات إلى إيطاليا من منتجات المناجم والمحاجر الجزائرية (من 2.62 مليار يورو إلى 5.05 مليار يورو) و 42.9 % من فحم الكوك والمنتجات المشتقة من تكرير النفط الجزائري (من 470 مليون إلى 672 مليون يورو).
فيما تصدر إيطاليا منتجات بقيمة 1.76 مليار يورو إلى الجزائر. وتعد السلع الإيطالية المصدرة بشكل رئيسي الآلات والمعدات (614.5 مليون يورو) و المنتجات الكيماوية (139 مليون يورو) و فحم الكوك والمنتجات المشتقة من تكرير النفط (129 مليون يورو) والمعدات الكهربائية والمعدات ذات الاستخدام غير المنزلي (126 مليون يورو) و المنتجات المعدنية (118 مليون يورو بانخفاض 38.9%) و المنتجات المعدنية باستثناء الآلات والمعدات (100 مليون يورو بانخفاض 22.8 %) والمنتجات الغذائية (93 مليون يورو بزيادة 73.3 %).