وعلى الرغم من مشكلات السياسة الداخلية في إيطاليا، قام دراغي أمس بزيارة رسمية إلى الجزائر بهدف الحفاظ على أمن الطاقة في إيطاليا. وهبطت طائرة رئيس الوزراء الإيطالي صباح أمس في الجزائر مع وفد الحكومة الإيطالية للمشاركة في القمة الإيطالية الجزائرية الرابعة.
وتكتسب الزيارة أهمية حيوية لضمان أمن الطاقة لروما حيث تتطلع إلى التحرر من الاعتماد على الغاز الروسي.
وسلط وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو الضوء خلال المهمة على كيفية بذل الحكومة على الفور قصارى جهدها لمواجهة أزمة الطاقة.
وقال دي مايو، على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: هذا الأمر يأتي بنتيجة.. بعد أسابيع قليلة من اندلاع الأزمة، أصبحت الجزائر اليوم مورّدنا الأول بفضل 4 مليارات متر مكعب من الغاز. إلى الأمام مع شراكات أقوى.
ورافق دراغي في زيارته وزير الخارجية لويجي دي مايو والداخلية لوتشانا لامورجيزي والعدل مارتا كارتابيا والتحول البيئي روبرتو تشنجولاني والبنية التحتية والتنقل المستدام إنريكو جيوفانيني وتكافؤ الفرص والأسرة إيلينا بونيتي.
وكانت الزيارة تتضمن سلسلة من الالتزامات الرسمية من بينها توقيع اتفاقيات ومؤتمر صحفي مشترك بين رئيس الوزراء الإيطالي والرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.
وكان من المقرر أن تستغرق الزيارة يومين إلا أنها تقلصت ليوم واحد حتى يتسنى لرئيس الوزراء العودة إلى روما ومتابعة التطورات في الأزمة الداخلية خاصة نوايا الأحزاب في ضوء الاتصالات التي تعقد في البرلمان يوم الأربعاء.
وقال دراغي، في تصريحات مشتركة للصحافة مع تبون، إن القمة الحكومية الإيطالية الجزائرية الرابعة التي عقدت في الجزائر أكدت على الشراكة المتميزة في قطاع الطاقة بين إيطاليا والجزائر، موضحاً أنه في الأشهر الأخيرة أصبحت الجزائر المورد الرئيسي للغاز لروما.
وأوضح أن شركة سوناطراك الجزائرية أعلنت عن 4 مليارات متر مكعب من الغاز القادم لإيطاليا في إطار الاتفاق الموقع مع شركة إيني الإيطالية في أبريل.
من جانبه، أعرب تبون عن سعادته باستقبال دراغي للمرة الثانية، ما يشهد على الرغبة في تعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين.
واعتبر أن الزيارة خطوة أخرى في تعزيز العلاقات، مشيراً إلى أن المحادثات كانت مكثفة في جميع المجالات وجرى الحديث عن القضايا الدولية والعلاقات الثنائية والعلاقات حول المغرب العربي.
كما ناقش الجانبان الوضع الدولي وقضايا الأمن الدولي والقضايا المتعلقة بالموقف في القارة الأفريقية والعالم العربي.
وحول ليبيا، قال: قررنا مساعدة الليبيين في تطوير مؤسساتهم، ومن ثم إطلاق انتخابات باتجاه إنشاء مؤسسات بعيدة عن التدخلات الأجنبية.
وفيما يخص مالي والساحل، قال تبون إن الطرفان قررا تطوير الإجراءات لضمان السلام والأمن وفق المبادرات التي تم اتخاذها في الجزائر.
من جانبه، اعتبر المحلل في جامعة الجزائر عمر هارون أن الجزائر أصبحت شريكًا موثوقًا واستراتيجيًا لإيطاليا في علاقاتها مع أوروبا في مجال الطاقة عبر خط الأنابيب البحري، مما رفع حجم التجارة إلى 27 مليار متر مكعب فيما ستضاف ال 4 مليارات متر مكعب متفق عليها.
وقال هارون لموقع “ديكود 39” الإيطالي إن “الاتفاقيات تشمل أيضًا” انطلاق عملية إنتاج الكهرباء من خلال الهيدروجين الأخضر والتي تعتبر ثورة في مجال الطاقة النظيفة.
وأشار المحلل الجزائري إلى أنه في البعد السياسي تنضم الجزائر إلى إيطاليا في الملف الليبي الذي يعتبر حجر الزاوية في شمال إفريقيا.
فيما قال المحلل الاقتصادي الجزائري إسحاق خرشي إن القمة الحكومية تمثل موعد محدد منذ العام الماضي وتهدف إلى مناقشة كمية الغاز الإضافية التي ينبغي على الجزائر توريدها إلى روما.
وأشار إلى مناقشة العمليات التجارية المستقبلية بين شركة إيني الإيطالية وسوناطراك الجزائرية حيث كان هناك حديث عن 4 مليارات متر مكعب إضافية من الغاز ستجعل الجزائر المورد الرئيسي للغاز إلى إيطاليا.
وكشف أنه لم يجري الحديث فقط عن الغاز لأن دراغي سيشارك في قمم مع وزراء آخرين لتوقيع مذكرات تفاهم في مجالات مختلفة من التجارة إلى التعاون في قطاع العدل والأمن، ما يسهم في تعزيز الشراكة بين البلدين.
اما المحلل الجزائري أنور مالك، فاعتبر أن تبادل الزيارات بين دراغي وتبون في روما والجزائر يعزز التعاون الاستراتيجي بين البلدين الذي يتعمق أكثر من أي وقت مضى.
وأشار مالك إلى التوقيع على اتفاقيات جديدة مثل الخاصة بكمية الغاز الإضافي التي ستعطيها الجزائر إلى إيطاليا والتي تندرج ضمن اتفاق واسع النطاق بين الطرفين.
واختتم اليوم بمنتدى الأعمال الإيطالي الجزائري، حيث حضرت نحو 70 شركة إيطالية الاجتماع الذي استضافه المركز الدولي للمؤتمرات بالجزائر ومنها شركة إيني الإيطالية وسايبم وأنسالدو إنيرجيا وغيرها.