زيارة ولي العهد السعودي إلى واشنطن تعد محاولة لإعادة تنشيط الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، فيما تتقاطع قضايا الأمن والطاقة والتكنولوجيا...
اعتبر الخبير السعودي أحمد الشهري أن زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لواشنطن تأتي لتحقيق نتائج ملموسة تعزز دور المملكة على الساحة الدولية حتى عام 2050.
ومن جانبه، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الاثنين، أنه سيعمل على تمرير صفقة لبيع مقاتلات F-35 إلى السعودية، لتصبح أول دولة في الشرق الأوسط بعد إسرائيل تحصل على هذا النوع من الطائرات المتقدمة.
ويعكس القرار دلالات استراتيجية، حيث يشير إلى مرحلة جديدة في مسار العلاقات الأمنية بين البلدين.
وتتضمن الزيارة ثلاثة ملفات رئيسية هي الاتفاق الأمني الثنائي و احتمالات التطبيع مع إسرائيل والحصول على أنظمة التسليح الأمريكية المتقدمة.
وقال مراقبون إن إعلان ترامب يمثل خطوة لتهيئة المناخ السياسي، وربما الضغط باتجاه انتزاع تعهدات سعودية إضافية بشأن التطبيع، لاسيما بعدما أعادت حرب غزة هذا المسار عشرة أعوام إلى الوراء.
جدير بالذكر أن إسرائيل هي الدولة الشرق أوسطية الوحيدة التي تمتلك هذه الطائرات، وهو عنصر حاسم في الحفاظ على تفوقها العسكري النوعي الذي أقره الكونغرس بقانون عام 2008.
وترفض إسرائيل من حيث المبدأ حصول الرياض على طائرات F-35، لكنها تطالب بربط الصفقة بتطبيع رسمي للعلاقات.
وقالت مصادر إن إسرائيل ستطلب ضمانات بشأن الطائرات السعودية، كعدم نشرها في قواعد قريبة من الحدود الإسرائيلية.
وأكد الشهري أن الزيارة تأتي لتكريس علاقة استراتيجية مستمرة منذ نحو تسعين عاماً.
وأضاف الخبير أنها ليست زيارة بروتوكولية، بل زيارة عمل تهدف لتحقيق نتائج سياسية وعسكرية واقتصادية وتقنية.
وأوضح الشهري أن متانة العلاقة بين الرياض وواشنطن تعود إلى أسلوب إدارتها مع تعزيز نقاط الالتقاء وإبقاء الخلافات في إطار حوار مستمر، مشيراً إلى أن هذا الأمر جعل الشراكة تصمد لأكثر من ثمانية عقود، وفقاً لموقع “ديكود 39” الإيطالي.
وأوضح أن دعوة السعودية لحضور قمة السبع في كندا، و قمة بريكس، يعكس مكانة جديدة للسعودية.
وذكر المحلل أن دول مجموعة السبع اعترفت ضمنياً بأن ملفات مهمة لم تنجح في إدارتها، فيما تمكنت الرياض من التعامل معها بفاعلية.
وأشار إلى ملفات مثل إدارة أزمة فيروس كورونا والتعاطي مع تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وحماية الملاحة الدولية.
واعتبر الشهري أن السعودية تعد اليوم “صمام أمان” للسياسة الدولية والاقتصاد العالمي وأمن الطاقة.
وتابع أن الذكاء الاصطناعي وصناعة الرقائق الإلكترونية من أبرز ملفات الزيارة، منوها إلى شرط رؤية 2030 الذي يقضي بأن يبقى ما لا يقل عن 50% من قيمة أي عقد داخل المملكة.
هذا و أوضح الشهري أن الاتفاقيات السياسية والعسكرية والاقتصادية والتكنولوجية التي ستوقع ستوفر ملايين الوظائف في الولايات المتحدة والسعودية.
وشدد الشهري على أن السعودية رسخت نفسها كوسيط موثوق ومحايد، يحافظ على “مسافة واحدة” من الأطراف المتنازعة، الأمر الذي عزز من دورها كلاعب مهم في إدارة الأزمات الدولية، ومن العناصر التي تقوّي موقفها في التفاوض حول الاتفاق الأمني مع واشنطن.
كما اعتبر أن استقبال واشنطن لولي العهد السعودي يحمل رسائل قوية، مثل إضاءة البيت الأبيض بألوان العلم السعودي فضلاً عن عزف مقطوعات موسيقية سعودية بحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وقال إن الزيارة تمثل للرياض خطوة لتعزيز التحول الاقتصادي والصناعي، فيما تمثل لواشنطن فرصة لتثبيت حليف مركزي في ملفات الطاقة والأمن الإقليمي والتكنولوجيا.
وأكد أن العلاقة بين البلدين تتجه نحو مرحلة أعمق وأكثر طموحاً من التعاون، تتجاوز 2030 وتمتد إلى عام 2050 وما بعده.


