الخبيرة تقول إن الاتفاقية الموقعة بين السعودية وإيران في بكين يمكن أن تسمح بتمديد الهدنة، لكن التعقيدات الداخلية في اليمن تعقد مسار السلام، معتبرة أن الصين تعد "ميسر" كـ"نموذج عمان"...
وأعلن مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن هانز جروندبرج، مؤخراً، أن الجهود الدبلوماسية المكثفة جارية لإنهاء الحرب المستمرة منذ ثماني سنوات، مشيراً إلى زخم إقليمي ودولي جديد، بما في ذلك استعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، حيث تدعم طهران بشكل غير رسمي المتمردين الحوثيين وتقود الرياض التحالف العربي.
وقال المبعوث الأممي إن هناك تغيير في نطاق وعمق المناقشات، داعياً الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا والحوثيين إلى “اغتنام الفرص” على خلفية الزخم الجديد. وأشار إلى الجهود الدبلوماسية السعودية والعمانية وإلى تقدم في محادثات تبادل الأسرى بين الحكومة اليمنية والمتمردين بقيادة الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وبدأت جويس مسويا مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية إحاطتها بأخبار إيجابية إذ أشارت إلى تقليص عدد الجوعى في اليمن بمليوني شخص وتراجع مؤشر تقييم الأمن الغذائي من الدرجة الخامسة وهي الأعلى إلى مستوى الصفر. وقالت إن الفضل في ذلك يعود بشكل كبير إلى الجهود الدؤوبة للعاملين في مجال الإغاثة، والدعم السخي من المانحين، والهدنة.
وشددت المسؤولة الأممية على أن اليمن ما زال يمثل حالة طوارئ هائلة، إذ “يعتمد أكثر من 17 مليون شخص على المساعدات والحماية من وكالات الإغاثة. ولكن في كثير من الأحيان لا تمتلك الوكالات ما تحتاجه لتوفير المساعدة”.
واتفقت السعودية وإيران على إعادة فتح سفارتيهما وإعادة بعثاتهما الدبلوماسية في غضون شهرين، وإجراء محادثات بين وزيري خارجيتهما بشأن ترتيب تبادل السفراء.
من جهته، قال قنج شوانج نائب مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة، إن هذه النتيجة تعد أخبارا سارة لعالم اليوم المليء بالشكوك وعدم الاستقرار.
وأضاف قنج، في كلمته أمام مجلس الأمن الدولي: “لقد أدخلت الاتفاقية عنصرا إيجابيا في مشهد السلام والاستقرار والتضامن والتعاون في المنطقة. ونأمل أن تخلق أيضا الظروف التي تفضي إلى تحسين الوضع في اليمن”.
بدوره، أعرب السفير الأمريكي جيفري ديلورينتيس عن أمله في أن يسهم الاتفاق السعودي الإيراني في الجهود المبذولة “لتأمين حل دائم للصراع في اليمن، ومعالجة استمرار تدفق المساعدات الإيرانية الفتاكة للحوثيين، وضمان الدعم الإيراني لعملية سياسية يمنية”.
من جهتها، قالت ليونورا أرديماجني، الباحثة المساعدة في المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، إن إيران لم تعترف علانية بإرسال أسلحة إلى الحوثيين، لكنها قالت قبل عامين إنها تقدم “دعمًا استشاريًا” لأنشطة الجماعة، وفقاً لموقع “ديكود 39” الإيطالي.
واعتبرت المحللة أن الاتفاق بين السعودية وإيران يجب ألا يؤجج التوقعات المفرطة فيما يتعلق باليمن. وقالت إنه قد يسهل تمديد الهدنة لكنه لن يكون قادرًا على بناء السلام بين اللاعبين الداخليين.
وذكرت أن الحرب في اليمن ليست حربًا بالوكالة، مشيرة إلى أن أصول الصراع داخلية من أجل السلطة السياسية والسيطرة على الموارد والاستقلال المحلي.
وأشارت إلى أن الحوثيين يتلقون أسلحة وذخيرة من إيران لكنهم لا يعتمدون اقتصاديًا على طهران على عكس الجهات المسلحة الأخرى الموالية لإيران في المنطقة حيث يسيطرون على اقتصاد الشمال الغربي فضلاً عن الشبكات غير الرسمية وغير القانونية.
ورأت أن إيران غير قادرة على ممارسة ضغط شديد على الحوثيين في حال عدم الرضا ببنود أي اتفاق مع السعودية، مشيرة إلى أنه يمكن للأخيرة الآن استغلال الاتفاق مع إيران لإيجاد تفاهم محدد مع الحوثيين يركز على أمن الحدود السعودية اليمنية.
كان المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينج، زار الرياض ومسقط، مؤخراً، لإعادة التأكيد على الثقل الأمريكي في الملف.
وحول زيارة ليندركينج في ظل توقيع الاتفاق الإيراني السعودي في بكين وحول ما إذا كانت واشنطن تريد إبراز وجودها في واحد من أصعب الملفات في المنطقة، قالت أرديماجني: أرى الصين كميسر مستشهده بـ”نموذج عمان ” أكثر من كونها ضامنة، لأن هذا من شأنه أن يعني تواجداً و”صوتًا “سياسيًا أكثر وضوحًا”.
واعتبرت أن القدرة على أن تكون مركزياً على المستوى الاقتصادي ولكن على مسافة سياسية متساوية بين الرياض وطهران هي التي سمحت لبكين برسم الأمل الأخير من الاتفاقية.
ورأت أن السعوديين والإيرانيين يثقون بالصين لأنهم يعلمون أن بكين تعتمد بشكل كبير على خليج مستقر من أجل طرق الطاقة والتجارة البحرية. وتابعت: يعتمد الجميع الآن على الخليج لكن بالنسبة لبكين فهي حقًا البوابة إلى الأسواق الأوروبية والأفريقية، كما أنها المحور البري والبحري لمبادرة الحزام والطريق.